دعونا نقلب تجارب الاسلاف وفكر الحكماء بتفهم بعض القصص و الحكايات التي فيها العبرة والحكمه والعظة ...
قال احد الشاعراء :
وجدت القناعة ثوب الغنى فصرت بأذيالها أمتسك
فألبسني جاهــــها حلـــــــةٌ يمر الزمـان ولم تنتهك
فصرت غنيـــا بلا درهــم أمر عزيزا كأنـــي ملك
في حجرة صغيرة فوق سطح أحد المنازل , عاشت الأرملة الفقيرة مع طفلها الصغير حياة متواضعة في ظروف صعبة . . ...
إلا أن هذه الأسرة الصغيرة كانت تتميز بنعمة الرضا و تملك القناعة التي هي كنز لا يفنى .
ولكن أكثر ما كان يزعج الأم هو سقوط الأمطار في فصل الشتاء
فالغرفة عبارة عن أربعة جدران , و بها باب خشبي , غير أنه ليس لها سقف
و كان قد مر على الطفل أربعة سنوات منذ ولادته لم تتعرض المدينة خلالها إلا لزخات قليلة و ضعيفة ,
إلا أنه ذات يوم تجمعت الغيوم وامتلأت سماء المدينة بالسحب الداكنة . . . . .
و مع ساعات الليل الأولى هطل المطر بغزارة على المدينة كلها , فاحتمى الجميع في منازلهم ,
أما الأرملة و الطفل فكان عليهم مواجهة موقف عصيب
نظر الطفل إلى أمه نظرة حائرة و اندسّ في أحضانها , لكن جسد الأم مع ثيابها كان غارقًا في البلل . . .
أسرعت الأم إلى باب الغرفة فخلعته و وضعته مائلاً على أحد الجدران , و خبأت طفلها خلف الباب لتحجب عنه سيل المطر المنهمر
فنظر الطفل إلى أمه في سعادة بريئة و قد علت على وجهه ابتسامة الرضا
و قال لأمه : ماذا يا ترى يفعل الناس الفقراء الذين ليس عندهم باب حين يسقط عليهم المطر ؟
لقد أحس الصغير في هذه اللحظة أنه ينتمي إلى طبقة الأثرياء
ففي بيتهم باب
وقال شاعر اخر
إن القناعة من يحلل بساحتها لم يلق في ظلــــها هماً يؤرقـــــــــه
هي القناعة فالزمها تعش ملكا لو لم يكن منها إلا راحــــة الـــبدن
وانظر لمن ملك الدنيا بأجمعها هل راح منها سوى بالقطن والكفن
وفي حكاية اخرى ذهب صديقان يصطادان الأسماك فاصطاد أحدهما سمكة كبيرة فوضعها في حقيبته و نهض لينصرف.. فسأله الآخر: إلي أين تذهب؟!.. فأجابه الصديق: إلي البيت لقد اصطدت سمكة كبيرة جدا تكفيني.. فرد الرجل: انتظر لتصطاد المزيد من الأسماك الكبيرة مثلي.. فسأله صديقه: و لماذا أفعل ذلك؟!.. فرد الرجل.. عندما تصطاد أكثر من سمكة يمكنك أن تبيعها.. فسأله صديقه: و لماذا أفعل هذا؟.. قال له كي تحصل علي المزيد من المال.. فسأله صديقه: و لماذا أفعل ذلك؟ فرد الرجل: يمكنك أن تدخره وتزيد من رصيدك في البنك.. فسأله: ولماذا أفعل ذلك؟ فرد الرجل: لكي تصبح ثريا.. فسأله الصديق: و ماذا سأفعل بالثراء؟! فرد الرجل تستطيع في يوم من الأيام عندما تكبر أن تستمتع بوقتك مع أولادك و زوجتك..
فقال له الصديق العاقل هذا هو بالضبط ما أفعله الآن و لا أريد تأجيله حتي أكبر و يضيع العمر.. رجل عاقل.. أليس كذلك!!
وشاهدت في حلقة تلفزيونية حكمة من قصص الصين القديمة مفادها ان ملكا اراد ان يكافئ أحد مواطنيه فقال له: امتلك من الأرض كل المساحات التي تستطيع أن تقطعها سيرا علي قدميك.. حيث تضع علامة وتعود قبل ان تغيب الشمس فرح الرجل و شرع يجري بالأرض مسرعا و مهرولا في جنون.. سار مسافة طويلة فتعب و فكر أن يعود للملك ليمنحه المساحة التي قطعها.. و لكنه غير رأيه و قرر مواصلة السير ليحصل علي المزيد.. سار مسافات أطول و أطول و فكر في أن يعود للملك مكتفيا بما وصل إليه.. لكنه تردد مرة أخري و قرر مواصلة السير ليحصل علي المزيد و المزيد.. ظل الرجل يسير و يسير وغابت الشمس وهو يسير بنفس الاتجاه وانتابه الياس والاحباط والانهاك ..و لم يمتلك شيئا و لم يشعر بالاكتفاء و السعادة لأنه لم يعرف حد الكفاية (القناعة).ومات بحسرته منهكا
ومن القصص الديني بهذا الموضوع روى أن عيسى بن مريم عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام كان بصحبته رجل وكان معهما ثلاثة أرغفة من الخبز،
ولما أرادا أن يتناولا طعامهما وجد عيسى أنهما رغيفان فقط ،
فسأل الرجل: أين الرغيف الثالث ، فأجاب : والله ما كانا إلا اثنين فقط.
شوفوا الحماقة والوقاحة،أنه يكذب على رسول الله!!!!
,وهو يعلم أنه كاذب ، المهم لم يعلق نبي الله وسارا معاً
حتى أتيا رجلاً أعمى فوضع عيسى عليه السلام
يده على عينيه ودعا الله له فشفاه الله عز وجل
ورد عليه بصرَه , فقال الرجل متعجباً: سبحان الله !
وهنا سأل عيسى صاحبه : مرة أخرى:بحق من شافا هذا الأعمى ورد عليه بصره
أين الرغيف الثالث، فرد: والله ما كانا إلا اثنين.
سارا ولم يعلق سيدنا عيسى على الموضوع حتى أتيا نهرا كبيرا،
فقال الرجل : كيف سنعبره؟ فقال له النبي: قل باسم الله واتبعني ،
فسارا على الماء ، فقال الرجل متعجبا: سبحان الله!
وهنا سأل عيسى صاحبه مرة ثالثة :بحق من سيرنا على الماء أين الرغيف الثالث؟ فأجاب : والله ما كانا إلا اثنين.
لم يعلق سيدنا عيسى وعندما وصلا الضفة الأخرى
جمع عليه السلام ثلاثة أكوام من التراب ثم دعا الله أن يحولها ذهباً ،
فتحولت الى ذهب، فقال الرجل متعجبا: سبحان الله لمن هذه الأكوام من الذهب؟؟!
فقال عليه السلام: الأول لك، والثاني لي ، وسكت قليلا ، فقال الرجل: والثالث؟؟؟؟؟؟ فقال عليه السلام: الثالث لمن أكل الرغيف الثالث! ، فرد بسرعة: أنا الذي أكلته!!!! فقال سيدنا عيسى : هي كلها لك ، ومضى تاركاً الرجل غارقاً في لذة حب المال والدنيا.
بعد أن جلس الرجل منهمكا بالذهب لم يلبث إلا قليلا حتى جاءه ثلاثةُ فرسان ،
فلما رأوا الذهب ترجلوا ، وقاموا بقتله شر قتلة مسكين!!!!
مات ولم يستمتع به إلا قليلا! بل دقائق معدودة!!!
حصل كل واحد من الفرسان على كومة من الذهب
بدأ الشيطان يلعب برؤوسهم جميعا ، فدنا أحدهم من أحد صاحبيه
قائلا له: لم لا نأخذ أنا وأنت الأكوام الثلاثة ونزيد نصف كومة إضافية
بدلا من توزيعها على ثلاثة، فقال له صاحبه: فكرة رائعة!!!
فنادوا الثالث وقالوا له : ممكن تشتري لنا طعاما لنتغدى قبل أن ننطلق؟؟؟؟
فوافق هذا الثالث ومضى لشراء الطعام؟
وفي الطريق حدثته نفسه فقالت له:
لم لا تتخلص منهما وتظفر بالمال كله وحدك؟؟؟؟؟؟ إنها حقا فكرة ممتازة!!!
فقام صاحبُنا بوضع السم في الطعام ليحصل على المال كله !!!
وهو لا يعلم كيد صاحبيه له!!! ،
وعندما رجع استقبلاه بطعنات في جسده حتى مات،
ثم أكلا الطعام المسموم فما لبثا أن لحقا بصاحبيهما وماتا وماتوا جميعاً.
وعندما رجع نبي الله عيسى عليه السلام وجد أربعة جثث ملقاة على الأرض ووجد الذهب وحده ، فقال: هكذا تفعل الدنيا بأهلها فاعبروها واجعلوها ممرا لأخرتكم
ما أجمل الرضا . . . إنه مصدر السعادة و هدوء البال , و وقاية من المرارة و التمرد و الحقد
"القناعة كنز لا يفنى"
قد تصدق هذه المقولة أحياناً وقد تكذب أحياناً أخرى
فالقناعة في العلم مثلاً مرفوضة تماماً
وكلما كنت أكثر طمعاً كل ما كان ذلك أفضل
لكن أحياناً تكون القناعة كنز وأي كنز
عندما ترضى بما كتب الله عليك مثلاً
وترضى إن أصابك مرض ما ولا تتذمر من ذلك
كما يفعل البعض فيقول لِمَ يا رب أنا من مرضت وليس غيري
فذلك فيه نوع من عدم الرضا بالقدر
ففي هذه الحالة عدم القناعة مرفوضة تماماً
وهكذا يتبين أهمية القناعة حسب الحالة التي نقيسها بميزانها[/size]